تتميز العلاقات بين الصين والجزائر بتاريخ طويل من التعاون والصداقة. بعد تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية في سبتمبر 1958، كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بها. وبعد ذلك، تم توقيع اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 20 ديسمبر من نفس العام، مما أدى إلى تطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات.
في فبراير 2004، خلال زيارة الرئيس الصيني هو جينتاو إلى الجزائر، أصدرت الدولتان بيانًا مشتركًا أعلن عن تأسيس علاقة تعاون استراتيجي. وفي نوفمبر 2006، حضر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين، حيث وقع زعيما البلدين على "بيان تطوير العلاقات الاستراتيجية بين الصين والجزائر".
في فبراير 2014، أصدر البلدين بيانًا مشتركًا حول إنشاء شراكة استراتيجية شاملة. وفي مايو من نفس العام، وقع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس بوتفليقة "إعلان إنشاء شراكة استراتيجية شاملة".
تعتبر هذه الإنجازات دليلاً على عمق العلاقات بين البلدين ورغبتهما المتبادلة في تعزيز التعاون في مختلف المجالات.
تتسم العلاقات الصينية الجزائرية بالتبادل المستمر للزيارات الرسمية بين القادة والسياسيين. في أبريل 2000، قام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بزيارة رسمية إلى الصين، وفي فبراير 2004، قام الرئيس الصيني هو جينتاو بزيارة الجزائر.
في عام 2006، حضر بوتفليقة قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين، وقام بزيارة الصين مرة أخرى. وفي عام 2007، زار نائب رئيس الوزراء الصيني، تشينغ ليانغ، الجزائر. تتابع الزيارات مع زيارات أخرى رفيعة المستوى مثل زيارة لي تشانغ تشون في مارس ونوفمبر 2008، وزيارة بوتفليقة لحضور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في بكين.
توالت الزيارات بين المسؤولين الصينيين والجزائريين، حيث زار وزير الخارجية الصيني، يانغ جيه تشي، الجزائر في يناير ويوليو 2010. كما حضر رئيس البرلمان الجزائري، محمد بن صالح، حفل افتتاح معرض إكسبو في شنغهاي في أبريل من نفس العام.
استمرت هذه الزيارات على مر السنوات، مع تأكيد على التعاون في مجالات متعددة. في عام 2014، وقع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على خطة تعاون استراتيجية شاملة مع نظيره الجزائري، وفي ديسمبر من نفس العام، زار رئيس المجلس الوطني الصيني، يوي تشنغ شنغ، الجزائر.
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات قفزات جديدة، حيث زار الرئيس الجزائري تبون الصين في يوليو 2023، حيث التقى بالرئيس شي جين بينغ ورئيس الحكومة لي تشيانغ. وفي يناير 2024، زار نائب رئيس الوزراء الصيني، ليو قوه تشونغ، الجزائر، حيث اجتمع مع الرئيس تبون ورئيس الوزراء.
تعتبر هذه الزيارات دليلاً على قوة العلاقات بين الصين والجزائر، والرغبة المستمرة في تعزيز التعاون في مختلف المجالات لتحقيق المنفعة المتبادلة.
تظهر العلاقات القوية بين الصين والجزائر من خلال تبادل التعازي والتهاني في المناسبات المختلفة. بعد الزلزال المدمر في ونجوان في مايو 2008، أرسل كل من الرئيس الجزائري ورئيس الوزراء ورئيسي البرلمان رسائل تعزية إلى القادة الصينيين، وزاروا السفارة الصينية في الجزائر لتقديم التعازي، كما تبرعت الحكومة الجزائرية بمبلغ 100 ألف دولار للصين.
في عام 2010، بعد زلزال يوشي في مقاطعة تشينغهاي، أرسل الرئيس بوتفليقة رسالة تعزية إلى الرئيس هو جينتاو، وتبرعت السفارة الجزائرية في الصين بمبلغ 15 ألف دولار للمتضررين.
استمرت هذه الروح من التعاطف والتعاون، حيث أرسل بوتفليقة رسائل تعزية إلى الرئيس شي جين بينغ بعد أحداث عنف في كونمينغ وزلزال في لويديان في عام 2014، وكذلك بعد حادث غرق العبارة "شرق النجوم" في عام 2015.
في عام 2017، بعث بوتفليقة رسائل تعزية بشأن الانهيارات الأرضية في مقاطعة سيتشوان والفيضانات في المناطق الوسطى والجنوبية من الصين. وفي ديسمبر من نفس العام، تبادل شي وبوتفليقة التهاني بمناسبة إطلاق القمر الصناعي الجزائري "ألفا".
استمر تبادل الرسائل في السنوات التالية، حيث أرسل شي رسائل تعزية بعد سقوط طائرة عسكرية جزائرية في 2018، وتهاني بمناسبة الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
كما تم تبادل الرسائل خلال أزمة COVID-19، حيث تواصل الرئيسان حول تدابير مكافحة الوباء. في 2021، أرسل الرئيس تبون رسائل تعزية إثر الكوارث الطبيعية في الصين.
تتواصل هذه الروح من التعاون والتضامن بين الجزائر والصين، حيث يتم تبادل التهاني بمناسبات مختلفة، مثل الذكرى الستين لاستقلال الجزائر، واحتفالات الذكرى المئوية للحزب الشيوعي الصيني، وغيرها من الأحداث الهامة.
وفي ديسمبر 2024، هنأ شي الرئيس تبون بإعادة انتخابه، مما يعكس استمرارية العلاقات القوية بين البلدين. هذه الروابط تؤكد على عمق الصداقة التاريخية والتعاون المستمر بين الجزائر والصين.
في نوفمبر 2006، اعترفت الجزائر بمكانة الصين كاقتصاد سوق، مما أدى إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وفي عام 2023، بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية 10.31 مليار دولار، بزيادة قدرها 40.3% عن العام السابق. حيث بلغت صادرات الصين إلى الجزائر 9.46 مليار دولار، بزيادة 52.4%، بينما انخفضت الواردات من الجزائر إلى 850 مليون دولار، بتراجع نسبته 25.6%. تُعتبر الجزائر واحدة من أكبر أسواق العقود الهندسية للصين في الخارج.
بعد تفشي جائحة كوفيد-19، أظهرت الجزائر دعمًا قويًا للصين في جهودها لمكافحة الفيروس. أرسلت الحكومة الصينية مجموعة من الخبراء الطبيين لمساعدة الجزائر في مواجهة الوباء. كما عقدت فرق الصحة من البلدين عدة اجتماعات عبر الفيديو لتبادل الخبرات المتعلقة بمكافحة الفيروس.
قام العديد من الجهات الصينية، بما في ذلك الحكومة والشركات والمحليات، بتقديم مساعدات طبية للجزائر. كما تعاونت الجزائر مع الصين في مجال لقاحات كوفيد-19، حيث قامت بشراء عدة دفعات من لقاح سينوفارم. في فبراير 2021، قدمت الصين دفعة من لقاحات كوفيد-19 كمساعدات للجزائر.
وفي سبتمبر من نفس العام، بدأت شركة سينوفارم مشروعًا لتعبئة لقاحات كوفيد-19 في الجزائر، مما يعكس عمق التعاون بين البلدين في مجال الصحة العامة.