شعار الموقع

سفير الصين في قطر: شهر رمضان يعزز صفات الرحمة والتسامح

2025-03-18

الدوحة : أكد سعادة السيد تساو شياولين سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة قطر، أن شهر رمضان يكرّس التضامن والصداقة والمساعدة المتبادلة ويعكس الإحساس العميق بالمسؤولية الاجتماعية والرعاية الإنسانية التي تتسم بها الثقافة الإسلامية، معتبراً الشهر الكريم يعزز صفات الرحمة والتسامح والوئام. وقال السفير الصيني خلال حواره مع الوطن الرمضاني إن المجتمع القطري يهتم بتقاليده المتوارثة ويتطلع إلى المستقبل، فتتكامل الثقافة التقليدية والحضارة الحديثة معاً في رمضان. وتحدث السفير تساو شياولين عن الدور الإنساني والخيري الذي تقوم به دولة قطر على مستوى العالم وخاصة في شهر رمضان، مؤكداً أن قطر تعمل بشكل نشيط في تقديم المساعدات الإنسانية للدول والمناطق الفقيرة والمتضررة من الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية، ولعبت دوراً حيوياً في مواجهة الأزمات الإنسانية العالمية..

مزيد من التفاصيل في حوار السفير الصيني..

 هذا هو العام الثاني لكم في دولة قطر والعام الثاني لقضاء شهر رمضان في قطر- كيف وجدتم التقاليد القطرية في رمضان؟

هذه هي السنة الثانية التي أعمل في قطر وأقضي رمضان فيها، حيث يعد رمضان شهراً مقدساً يكرّس التضامن والصداقة والمساعدة المتبادلة ويعكس الإحساس العميق بالمسؤولية الاجتماعية والرعاية الإنسانية التي تتسم بها الثقافة الإسلامية، فضلاً عن النظرة العالمية والمضمون الروحي للرحمة، والتسامح، والوئام، والاندماج. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأتمنى لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر والأصدقاء من كافة الأوساط في قطر والأصدقاء المسلمين من البلدان الأخرى والذين يقيمون في قطر رمضان مباركاً.

ومن المؤسف أن عائلتي تعيش في الصين ولا تستطيع قضاء رمضان معي في قطر، لكن لديهم أيضًا الفرصة لتجربة عادات رمضان في الصين. حيث يقع مسجد نيوجيه (شارع البقر) في بكين العاصمة الصينية والذي يعود تاريخه إلى آلاف السنين. وعند غروب الشمس، يصبح المسجد والشوارع المحيطة به مشغولة جدا، ويجتمع المسلمون المحليون في المسجد لأداء الصلاة معًا وخلال شهر رمضان، وأخطط أيضًا لزيارة المزيد من الأصدقاء المحليين في الدوحة لأشعر بالفرح والوئام الذي يتمتع به الشعب القطري خلال شهر رمضان.

وتولي الحكومة الصينية اهتماما بالغا لحرية المعتقد الديني للمسلمين وتحترمها وتحميها بشكل كامل وتوفر الظروف الملائمة لهم لممارسة الأنشطة الدينية المشروعة. ويصوم المسلمون الصينيون ويقيمون صلواتهم خلال شهر رمضان ويقيمون صلاة عيد الفطر في نهاية شهر رمضان. ويستمتع المسلمون من عشر قوميات بعطلة رسمية في عيد الفطر. وخلال شهر رمضان، يقوم المسلمون بإعداد أطعمة لذيذة مثل السانزي والكعك المقلي ولحم الغنم وغيرها لاستضافة الأقارب والأصدقاء، ويعيش الصينيون من جميع القوميات والأديان في وئام وسعادة في الصين، وهذا يعود فضله إلى ازدهار البلاد واستقرارها.

وقد جاء شهر رمضان هذا العام، والوضع في قطاع غزة لا يزال خطيراً، ويشعر الجانب الصيني بحزن عميق إزاء ذلك.

وفي الوقت الحاضر، لا تزال العديد من الدول العربية، بما فيها قطر، تعمل بشكل نشيط على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار دائم وتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة.

كصديق جيد وحقيقي، فإن الجانب الصيني على الاستعداد لمواصلة العمل مع الجانب القطري والدول العربية من أجل الدفع بشكل مشترك لإنهاء الصراع في غزة في وقت مبكر وإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في أسرع وقت ممكن.

ما هي أبرز العادات التي تعجبك لدى المجتمع القطري بصفة عامة؟

تنوع المجتمع القطري ترك انطباعا عميقا عليّ. حيث تعتمد قطر على التقاليد وتتطلع إلى المستقبل، فتتكامل الثقافة التقليدية والحضارة الحديثة وتندمج ثقافة الصحراء والعادات البحرية هنا وتتقدمان سويا، ويجتمع الناس من جميع أنحاء العالم هنا للتعلم من المزايا لدى بعضهم البعض والاستفادة المتبادلة من خلال التبادل.

ويتوافق هذا التقليد الاجتماعي الداعي والمحترم لتنوع الحضارات مع مبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الجانب الصيني. وبصفتي سفير الصين لدى قطر، أنا على الاستعداد للعمل مع أصدقائي القطريين سويا من أجل خلق وضع جديد للتبادل الثقافي والتكامل الحضاري وتقارب شعبي البلدين.

هل ترى أن دولة قطر تمتلك مقومات سياحية جيدة؟

خلال السنوات الأخيرة، نجحت قطر في دفع السياحة المحلية لتحقيق تطور سريع ومذهل من خلال استضافة الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم.

في عام 2024، تجاوز عدد السياح الوافدين إلى قطر 5 ملايين شخص، أي بزيادة سنوية قدرها 25%.

وفي عام 2024، وصل عدد السياح القادمين من الصين إلى قطر إلى 97 ألف شخص، بزيادة سنوية قدرها 77%.

ومع استمرار ارتفاع السمعة السياحية القطرية على المستوى الدولي، ينتظر قدوم المزيد والمزيد من السياح الصينيين إلى قطر باعتبارها «وجهة ضرورية للزيارة».

ويأملون في استكشاف المناظر الطبيعية والعادات الثقافية في قطر بأنفسهم. إن التعاون السياحي بين الصين وقطر يشكل جزءًا مهمًا من التعاون العملي بين البلدين. إن الجانب الصيني على الاستعداد للعمل مع الجانب القطري على استكشاف إمكانية التعاون السياحي بين البلدين بشكل متزايد وتعزيز التبادل الثقافي وتقارب الشعوب بين البلدين.

كيف تنظر إلى الدور الإنساني الذي تقوم به دولة قطر على مستوى العالم من خلال مساعدة الشعوب الفقيرة وإغاثة الشعوب المنكوبة؟

تعمل قطر بشكل نشيط في تقديم المساعدات الإنسانية للدول والمناطق الفقيرة والمتضررة من الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية، ولعبت دوراً حيوياً في مواجهة الأزمات الإنسانية العالمية، بعد سنوات من الممارسة، وتمكنت المؤسسات القطرية مثل قطر الخيرية وصندوق قطر للتنمية من تشكيل فرق إغاثة إنسانية تتمتع بخبرة واسعة، ومن خلال نظام نقل ناضج، وتمكنت هذه الفرق من بناء «جسر جوي» إلى المناطق المتضررة، وتقديم الأطعمة والأدوية والمآوي المؤقتة وغير ذلك من الإمدادات الإغاثية إلى السكان المحليين، مما يضيء أمل الحياة لهم.

ومنذ اندلاع الصراع في قطاع غزة في أكتوبر 2023، قدمت قطر قدرًا كبيرًا من المساعدات الإنسانية لغزة وبذلت قصارى جهدها لدفع عمل الوساطة مع الدول المعنية. ونجحت في إطلاق سراح العديد من الرهائن والأسرى ونجحت في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في يناير العام الجاري، ويثمن المجتمع الدولي عالياً الجهود الدؤوبة التي تبذلها قطر لإنهاء الصراع في غزة وتخفيف الأزمة الإنسانية.

ويرحب الجانب الصيني بالتوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى ويأمل في التنفيذ الفعال للاتفاقية لتحقيق وقف إطلاق نار شامل ودائم في غزة. ومنذ اندلاع الحرب في غزة، يدعو الجانب الصيني دائما إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال في وقت مبكر والعمل بنشاط على تهدئة الوضع وحماية المدنيين وتقيدم المساعدات الإنسانية. ويدعم الجانب الصيني تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وسيواصل بذل جهود إيجابية لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة وإعادة الإعمار بعد الحرب. ونأمل أيضا بصدق أن تستغل جميع الأطراف المعنية وقف إطلاق النار في غزة كفرصة لدفع تخفيف توتر الوضع الإقليمي.

كما يدعم الجانب الصيني بثبات الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ويعتقد دائما أن «حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين» هو المبدأ المهم الذي يجب الالتزام به في حوكمة غزة ما بعد الحرب ويعارض التهجير القسري لسكان غزة.

إن الجانب الصيني على الاستعداد للعمل مع المجتمع الدولي على إيجاد الحل السياسي العادل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين باعتباره المخرج الأساسي، أي إقامة دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة كاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ويقف الجانب الصيني دائما إلى جانب الدول العربية والإسلامية ويدعم قطر والدول في الشرق الأوسط لتعزيز التضامن ولعب دور أكبر في القضية الفلسطينية والعمل بشكل مشترك على إيجاد الحل الشامل والعادل والدائم للقضية الفلسطينية وبذل جهود دؤوبة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

ما هي طبيعة العلاقات بين قطر والصين في الوقت الحالي؟

تمر العلاقات الصينية- القطرية بأفضل مراحلها في التاريخ وهي النموذج للتعاون الودي بين الدول.

وفي عام 1988، أقامت الصين وقطر علاقات دبلوماسية رسمية. وفي عام 2014، قام صاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة دولة إلى الصين، حيث أعلن فخامة الرئيس شي جينبينغ وصاحب السمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين وقطر. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، وبتوجيه من قائدي الدولتين، حققت هذه العلاقات تطورا كبيرا ومرت بـ «العقد الذهبي».

أولا، تتعمق الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين باستمرار. على مدى السنوات العشر الماضية.

ثانياً، أصبح التعاون بين البلدين في مختلف المجالات وثيقاً بشكل متزايد. اورتفع حجم التبادل التجاري الثنائي بين الصين وقطر من 10.6 مليار دولار أميركي في عام 2014 إلى 24.5 مليار دولار أميركي في عام 2023، أي بزيادة أكثر من 130%. منذ عام 2020، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري وأكبر وجهة للتصدير بالنسبة لقطر لمدة أربع سنوات متتالية. وقد شكل التعاون الثنائي العملي بين الصين وقطر نمطًا جديدًا للتعاون باتخاذ التعاون في مجال الطاقة كمحور رئيسي وبناء البنية التحتية كنقطة مهمة والاستثمار المالي والتكنولوجيا الحديثة كنقاط نمو جديدة، مما يعود بفوائد ملموسة على شعبي البلدين. وتتمثل السمات المهمة للتعاون بين الصين وقطر في التكامل القوي والإمكانيات الكبيرة، فيتمتع الجانبان بآفاق واسعة للتعاون في مجالات مثل الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، وذلك سيعود بالنفع على شعبي البلدين بشكل أكثر.

ثالثا، التبادل الثقافي بين البلدين نشيط للغاية. حيث أصبح عدد الشباب القطريين الذين يتعلمون اللغة الصينية ويحبون الثقافة الصينية أكبر فأكبر، وسافر الكثير من الطلاب الشباب القطريين إلى الصين للمشاركة في معسكر «جسر اللغة الصينية» الصيفي.

وقد عرضت بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 صورة قطر الجميلة والحديثة أمام الجماهير الصينية، فيختار عدد متزايد من السياح الصينيين المسافرين إلى الخارج قطر «كوجهة ضرورية للزيارة». وينمو أول زوج من الباندا العملاقة في الشرق الأوسط، «سي هاي» و«جينغ جينغ»، بصحة وسعادة في قطر، ويجلبان المفاجأة السارة والفرح للشعب القطري والسياح من مختلف البلدان، وقد أصبحا مبعوث الصداقة بين الشعبين الصيني والقطري.

وتتمتع الصين وقطر بالثقة السياسية المتبادلة العميقة ومفاهيم التنمية المتشابهة والمصالح المتكاملة الوثيقة، فهناك إمكانية هائلة للتعاون بين البلدين. إن الجانب الصيني على استعداد لتعزيز مواءمة استراتيجيات التنمية مع الجانب القطري وتعزيز المنفعة المتبادلة والكسب المشترك على مستوى أعلى للجانبين في إطار البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية ومنظمة شانغهاي للتعاون من أجل السعي بشكل مشترك لتحقيق تنمية بلدينا ونهضة الأمة والعمل معًا لتعزيز بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية وحماية العدالة والإنصاف الدولية وتعزيز السلام والتنمية الإقليمية وخلق المزيد من المنافع للشعبين والمضي قدمًا نحو «عقد ذهبي» جديد للعلاقات الصينية- القطرية.


أخبار ذات صلة